لجنة التحقيق الدولية: لا نهاية في الأفق للتعذيب والاختفاء القسري من قبل النظام السوري

أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا تقريراً جديداً بعنوان "لا نهاية في الأفق: التعذيب وسوء المعاملة في الجمهورية العربية السورية 2020-2023"، والذي يغطي الأنماط المستمرة والواسعة النطاق والممنهجة للتعذيب.

ويستند التقرير إلى 254 مقابلة أجرتها اللجنة بين 2020 وأبريل 2023، بما في ذلك مع أكثر من 200 ممن تعرضوا للتعذيب أو شهدوا بشكل مباشر التعذيب أو سوء المعاملة فيما يتعلق بالاحتجاز في مرافق تديرها السلطات الحكومية أو الجماعات المسلحة غير الحكومية، إلى جانب 42 مقابلة أخرى كانت ثانوية بينها على سبيل المثال ممارسون طبيون، وآخرون يعملون مع ناجين من التعذيب وسوء المعاملة وأفراد عائلات المحتجزين.

النظام يتفنن في وسائل التعذيب

وفق التحقيق، احتجز جميع المعتقلين السابقين تقريباً في مرافق حكومية – والذين تمت مقابلتهم أثناء إعداد التقرير – بمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة من الزمن، دون السماح لهم بالاتصال بأسرهم وأصدقائهم ومحاميهم، وأثناء احتجازهم، وصفوا تعرضهم لأعمال التعذيب وسوء المعاملة المتنوعة، لإجبارهم عادة على "الاعتراف" بما ينسب لهم من اتهامات أو تقديم معلومات، كعقاب أو ترهيب.

وروى هؤلاء بعض وسائل التعذيب التي تعرضوا لها، إذ شملت تعليق الشخص من طرف واحد أو طرفين لفترات طويلة أو ما يسمى بـ"الشبح"، أو الطي في إطارات السيارات وكانوا يسمون هذا النوع من التعذيب بالدولاب، بالإضافة إلى الضرب المبرح في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك ضرب الأعضاء التناسلية، وفي كثير من الأحيان باستخدام خراطيم خضراء أو عصي أو أسلاك أو أدوات أخرى، وعادة ما يصاحب الضرب كل من أسلوبي الشبح والدولاب أو قد يتم دون الأسلوبين السابقين.

ومن الأساليب الأخرى للتعذيب التي ذكرت في التقرير الصعق بالكهرباء وحرق أجزاء من الجسم والعنف الجنسي والاغتصاب، وبالإضافة إلى ذلك وصف معظم المحتجزين احتجازهم في ظروف غير إنسانية تصل إلى حد المعاملة السيئة، وقد ترقى في بعض الحالات إلى التعذيب، كالاكتظاظ الشديد في الزنازين، ونقص الطعام ومياه الشرب والمرافق الصحية، وانتشار الأمراض والحرمان من العلاج الطبي والرعاية، كما شهدت أماكن الاحتجاز هذه عديد من حالات الوفاة خلال الاحتجاز.

القبضة الأمنية سيدة الموقف

واعتبرت ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر ما جاء بتقرير اللجنة خطوة إيجابية وإن كانت متأخرة، لا سيما أنها تأتي مع المسار الذي أطلقته الدول العربية فيما يتعلق بإعادة البت بالأزمة السورية وسبل حلها، لكن في المقابل يبدو أن هناك إصرار من طرف النظام السوري وعدم جدية في حل الأزمة والوصول بسوريا إلى بر الأمان.

وأضافت ليلى موسى، في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء، أن هناك دليل على ذلك بأن الحكومة السورية من الرافضين لتشكيل مؤسسة تنظر في البت في مصيرالمختفين والمغيبين قسرياً، وهذا موقف يعيد الأزمة إلى المربع الأول وكيف تعامل النظام مع الحراك الثوري السوري وإلى الآن النظام يرفض أن تعيش سوريا حياة حقيقية.

وأضافت " طالما النظام السوري لا يعترف بأن هناك أزمة وأن من قاموا بالحراك الثوري من وجهة نظره إرهابيين وانفصاليين، فإنه سيستمر في التعامل بنفس الآلية ونفس المنهجية ضد كل من يعارضه، ولذلك انطلاقاً من هذه الرؤية والموقف حيال ما يحدث في سوريا، نجد أنه من الطبيعي أن ما يقوم به النظام سيستمر، وعندما تكون هناك مساع لعودة اللاجئين السوريين لوطنهم الأم نجد حالة من التحفظ الشديد من قبل اللاجئين؛ خوفاً من القبضة الأمنية.

وفي ختام تصريحاتها، لوكالة فرات للأنباء، أكدت  ليلى موسى أنه لا تزال القبضة الأمنية هي سيدة الموقف فيما تعانيه سوريا منذ بداية الأزمة وحتى اليوم.

ويتزامن تقرير اللحنة الدولية المستقلة مع تقرير آخر للجنة المسائلة الدولية التي تحصلت على عديد من الوثائق التي تكشف مبادرة نظام بشار الأسد إلى تشكيل "الشبيحة" والذي تورطوا في كثير من المذابح، والتي ترقى إلى وصفها بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.